تحدثنا في مقال سابق ( ماهي منهجية أجايل الرشيقة، وبماذا تعود عليك كرائد أعمال) عن مفهوم أجايل، مبادئها وقيمها وما الآثار الإيجابية التي سيحصدها رائد الأعمال إذا ما قام بتبني هذه المنهجية في منشأته، وعبر السطور التالية، سنتطرق إلى أدوار فريق العمل في أجايل، بعض الأمثلة على الشركات التي قامت بتطبيق إحدى مفاهيم المنهجية الرشيقة، وأخيراً كيف يُمكنك تحويل منشأتك إلى منشأة تعمل بمبادئ أجايل، كالتالي:
فريق العمل في أجايل..
لعلَ أبرز مايُميز منهجية أجايل هو فريق العمل الذي يقود ويتبع هذه المنهجية، فهي فرق ليست على الطراز التقليدي، تتميز عن غيرها بأنَها فرق متكاملة وشاملة وذات خبرات ومهارات متعددة، إذ أنَ كل فرد متخصص و"معمم" أيضاً، بمعنى أن المتخصصين في مجالاتهم، يمتلكون أيضاً معرفة واسعة لجوانب الأعمال المرتبطة بالمشاريع التي يعملون على إنجازها، فعلى سبيل المثال أخصائي التكنولوجيا، يمتلك معرفة أيضاً بإدارة المشاريع وكيفية اتخاذ القرارات وغيرها من المهارات الإدارية، لذا يستطيع الفرد منهم إبداء أفكاره التوجيهية في تلك المجالات أيضاً، إضافة إلى ذلك، إنَ هياكل فرق آجايل مستقرة وغير متغيرة، وهي تعمل على تكرار وتحسين تدفق سير العمل مرة تلو أخرى.
سنذكر هنا أبرز أعضاء فريق أجايل، وهم كالتالي:
1-مالك المنتج "Product Owner"
إذا كان المشروع عبارة عن سفينة، فمالك المنتج هو القبطان، حيث يوجه مالك المنتج السفينة في مسارها الصحيح، ويضع النظام وتكون له الكلمة الأخيرة في إجراء التغييرات، فهو المسؤول بشكل أساسي عن تحديد الاتجاه لتطوير المنتج أو تقدم المشروع.
يفهم مالك المنتج متطلبات المشروع من أصحاب المصلحة ومن ثمَ يقوم بتوصيل المتطلبات الى فريق تطوير المنتج من خلال حزمة المهارات الناعمة التي يمتلكها ويقود بها.
يفهم مالك المنتج رؤية المشروع الطويلة المدى وبالتالي يعمل على الموائمة بين الخطوات والتغييرات التي يتم العمل عليها مع احتياجات وتوقعات جميع أصحاب المصلحة، فهو من يقوم بكتابة قائمة من عناصر المهام الخاصة بالمشروع بشكل تراكمي وبناءً على ملاحظات أصحاب المصلحة وشكل المشروع، كما ويعمل على مراجعة تسليمها قبل تسليم المنتج أو المشروع النهائي، لذا فهو يُساهم في التحسين السريع المستمر للمشروع، وجعل الأهداف شفافة، وتحديد توقعات الجودة الناتجة عن عمل الفريق.
مالك المنتج شغوف بالمنتج، لذا فهو يضمن أنَ يتم ترجمة عملية تطوير المنتج إلى قيمة حقيقية لأصحاب المصلحة، وبالتالي فإنَ التواصل مع المستخدمين النهائيين والمدراء التنفيذيين والشركاء وفريق التطوير هي مسؤوليته الرئيسية.
2-قائد الفريق "Scrum Master"
قائد الفريق أو من يُعرف بمدير السكرم، تكمن مهمته الرئيسية كقائد غير تقليدي، يعمل كوسيط بين الفريق والعوامل الخارجية، إذ يحرص على تلقي التعليمات من مدير المنتج وضمان تنفيذ المهام على الوجه المطلوب، وهو يتكفل أيضاً بإزالة العقبات التي تؤثر على تقدم المشروع وبالتالي حماية أعضاء الفريق من أي تدخلات خارجية أو مؤثرات سلبية قد تعيقهم دون التركيز على المهام.
3- فريق التطوير "Development team"
أعضاء الفريق هم الطاقم المتنوع والمفعم بالحيوية، فهم من يتحملون مسؤولية تحويل الفكرة أو المطلوب إلى منتج نهائي ملموس، إذ يعملون على تخطيط وتصميم وإنجاز المهام وتحليلها واختبارها خلال كل دورة تطويرية "sprints" وفقاً للمتطلبات المقدمة من مالك المنتج والتي يتم متابعة تقدمها من قبل مدير السكرم.
ولعلَ أبرز مايُميز فريق أجايل كما ذكرنا سلفاً هو أنَ الفريق يتمتع بكلا من المهارات التخصصية والمهارات الناعمة التي تساعدهم على إدارة دفة الفريق ودمج التغييرات بكفاءة وفعالية.
4-أصحاب المصلحة "Stakeholder"
أصحاب المصلحة هم المستخدمين النهائيين للمنتج أو رجال الأعمال أو المستثمرين أو البائعين، وهم لا يتدخلون بشكل مباشر في عملية تصميم أو تطوير المنتجات، بل يضعون أهدافهم وتوقعاتهم للمشروع والتي تُعتبر بمثابة مدخلات لتوجيه تقدم المشروع، كما ويشاركون أيضًا في الاطلاع على آخر التحديثات الخاصة بالمنتج أو المشروع في نهاية الدورة التطويرية.
بعض تطبيقات أجايل
في الحياة الواقعية هناك الكثير من الشركات التي طبَقت مفاهيم أجايل، منها على سبيل المثال:
- "Apple Genius Bar " المعروفة لدعم منتجات شركة آبل الأمريكية، هي مثال رائع على إدارة المشاريع الرشيقة، فعندما تصطحب جهاز آبل تعرض للكسر، لن تضطر إلى ملء مجموعة من النماذج أو الانتظار في سلسلة طويلة من البشر حتى يأتي دورك! ، إذ يُركز المساعدون في هذه المتاجر على الأفراد والتواصل البشري بدلاً من الأدوات والمعدات - وهي إحدى مفاهيم أجايل- ، حيث يقوم المساعد بطرح بعض الأسئلة عليك ومن ثمَ يعمل على تدوين تلك الملاحظات بناءً على إجابتك.
- بعض شركات المأكولات السريعة مثل سلسلة "Chiptole" وسلسلة "Subway" الشهيرة، هذه الشركات تساعد المستهلكين على بناء وجبتهم الخاصة من خلال الاختيار من بين الأصناف المعروضة أمام المشتري، القليل من الجبن أو الكثير منه؟ القليل من الصوص أو الكثير منه؟ وهكذا مع بقية العناصر.
وفي كل خطوة، يقوم الموظف بالتحقق مع المشتري للتأكد من أنَ مشروعه الغذائي لايزال على المسار الصحيح، والنتيجة النهائية هي الحصول على وجبة لذيذة تمَ تحسينها خلال كل خطوة بفضل التعاون المستمر بين الطرفين وهذه إحدى أهم المفاهيم التي تستند عليها أجايل.
- شركة "Cargill" للأغذية الأمريكية، في تقريرها لعام 2012م، وجدت أنها فشلت في تحفيز موظفيها البالغ عددهم 155 ألف موظف حول العالم، فقررت أنَ تُصبح ذات مبادئ رشيقة وابتكرت نظام أطلقت عليه مسمى "إدارة الأداء اليومي"، هذا النظام استند على أربعة مبادئ وهي "العلاقة بين الموظف والمدير ذات أهمية قصوى، النشاط والممارسات اليومية هي مؤشرات على جودة إدارة الأداء، الملاحظات والتغذية الراجعة مستمرة وغير مرتبطة بمستندات ثقيلة، وقبل كل شيء، يحتاج النظام إلى أنَ يكون مرنًا وسريع الحركة لتلبية احتياجات العمل"، وكانت النتيجة بأنَها شهدت تحسناً وتركيزاً أكبر على المستقبل بدلاً من مجرد مراجعة الأداء السابق، كما أنَ 69٪ من الموظفين تلقوا تعليقات مفيدة تتعلق بتطورهم المهني وَ 70٪ من الموظفين شعروا بتقدير أكبر بعد تطبيق النظام الجديد.
كيف تستخدم أجايل في شركتك
كرائد أعمال يملك شركة ناشئة، يُمكنك أن تتبنى منهجية أجايل بكل بساطة من خلال تبني أبرز مفاهيمها، على سبيل المثال لا الحصر:
- أنَ تضع في الاعتبار بأن المشاريع الكبيرة هي عبارة عن مجموعة من المهام الصغيرة المتكررة، وأن تُحدد المدة المعتادة لكل مهمة صغيرة، مع الأخذ في الحسبان بتخصيص وقت لتحليل النتائج وتأثيرها وتحديد الخطوة التالية.
- إنشاء لوحة عمل للمشاريع والمهام ويُمكن الاستعانة في ذلك ببعض الأدوات التكنولوجية.
- تعزيز المرونة في العمليات والسياسات التي تتبعها المنظمة، ويُمكنك القيام بذلك أحياناً من خلال الاستعانة بالتقنيات المتقدمة، فعلى سبيل المثال يُمكنك الاحتفاظ ببيانات العملاء بتخزينها في أحد الخدمات السحابية حتى تتمكن من الوصول إليها في أي وقت.
- مكين فريق العمل من خلال تدريبهم على التنظيم الذاتي، وذلك لأنَه من أحد ركائز أجايل أن يكون الفريق قادراً على إدارة نفسه.
- تبني سياسات لإجراء التحسينات المستمرة أثناء سير العمل.