يقول الشاعر الإنجليزي "جون هنري نيومان": "النمو هو الإثبات الوحيد للحياة"، على غرار هذه المقولة، فإن عملية النمو لا تقتصر فقط على المستوى الفردي الشخصي، فهي عملية طبيعية تتمَ في كافة المجالات العلمية والمهنية وعلى كافة الأصعدة، منها ما يتعلق بريادة الأعمال والمشاريع التجارية، ولأنَ اتجاه ريادة الأعمال والرغبة بتأسيس مشروع خاص أصبح حلم الكثيرين اليوم، لذا ينبغي على كل رائد أعمال مبتدئ أنَ يُدرك ماهية النمو، كيف يتحقق نمو الشركة الناشئة بشكل صحيح يضمن استمراريتها في سوق العمل، كيف يُقاس نمو الشركة وما دور المحاسبة ومسك الدفاتر إزاء ذلك.
عبر السطور التالية نستعرض كافة تلك الأمور التي ستُرشدك كصاحب مشروع على معرفة خارطة الطريق اتجاه النمو.
ما هو النمو؟
يرى البعض نمو الأعمال"Business Growth"، بأنَه المرحلة التي تصل فيها الأعمال إلى نقطة التوسع والبحث عن خيارات إضافية لتحقيق المزيد من الأرباح، كما أنَ النمو هو أحد متطلبات الحياة العملية التي تنشأ عنها رغبة المُلاك في خلق قيمة أعلى لأسهم الشركة.
ومن وجهة نظر أخرى، يُنظر إلى النمو على أنَه تعريف للشركة الناجحة، فالأعمال المتنامية هي الأعمال التي تتوسع بطريقة أو أخرى، ويُمكن الاستناد على العديد من المؤشرات التي تُظهر نمو الشركة، وهي على سبيل المثال: "زيادة الإيرادات، زيادة الأرباح، ارتفاع قيمة الشركة، زيادة عدد الموظفين، زيادة عدد العملاء وغيرها".
كيف يُقاس النمو؟
بالاستناد على ما سبق، يُمكن للمنشآت أن تنمو في بعض المعايير من دون أنَ تُحقق النمو المطلوب وفقَا للمقاييس والمعايير الأخرى، حيث يُمكن أن تنمو إيرادات الشركة دون زيادة في العملاء إذا كانت المكاسب ناتجة عن شراء العملاء الحاليين المزيد من المنتجات أو الخدمات، ليس ذلك وحسب، فقد تحقق الشركة النمو في مقياس واحد وتراجع في المقياس الآخر، كأنَ تُحقق المبيعات ارتفاعًا ونموًا ناجمًا عن انخفاض سعر المنتج، في هذه الحالة قد يحدث انخفاض في الإيرادات الإجمالية للشركة، إلا أنَ ذلك يُحقق هدفًا من أهداف الشركة الاستراتيجية وهي زيادة المبيعات.
لذا، فإن تحديد النمو يكاد أن يكون صعبًا، فأولئك الذين يتطلعون إلى تنمية أعمالهم، يجب أن ينظروا إلى أهدافهم ومن ثمَ تتبع مقاييس النمو التي يجدونها مهمة وتُساهم في تحقيق تلك الأهداف، فبالنسبة إلى بعض الشركات الناشئة الطموحة، فهي تُفضل بذل كل ما في وسعها لزيادة العدد الإجمالي للعملاء حتى لو تكبدت بعض الخسائر في المراحل الأولى من النمو نظير زيادة الإيرادات والمبيعات ببطء، ومن ثمَ تغطية التكاليف، لذا من المهم أن تشهد جميع الشركات نموًا، ومع ذلك، سيعتمد نوع النمو المطلوب على مرحلة النمو التي يمر بها العمل.
لماذا يعتبر نمو الأعمال مهمًا للشركات الناشئة؟
وفقًا للموقع الأمريكي المختص بالشركات الناشئة "Failory" في إحصائية نشرها عام 2019م، أشارت إلى انَ 90% من الشركات الناشئة مصيرها الفشل، لذا فعملية النمو لابد منها من أجل ترسيخ مكانة المنشأة في السوق، ولتحقيق إيرادات كافية تساعد على تغطية التكاليف والبدء في جني الأرباح، كما يجب على الشركات الناشئة التحقق من أنَها تنمو في الاتجاه الصحيح وأن معاييرها تسير بشكل صائب، إذ أشارت دراسة أجرتها مؤسسة "Kauffman Foundation and Inc. " الأمريكية، أنَ ما يقرب من ثلثي الشركات الناشئة التي تنمو سريعًا ينتهي بها الأمر بالفشل، وهناك بحث صادر من جامعة ولاية كاليفورنيا، ذكر انَ الشركات التي حققت نموًا سريعًا في الإيرادات كان أداؤها أسوأ على المدى الطويل من نظيراتها بطيئة النمو!.
ما هي المحركات الأساسية لنمو الأعمال؟
بلا شك أنَ المشاريع لا تنمو من تلقاء نفسها، إذ لابد من وضع أنظمة وخطط واستراتيجيات خاصة تُساعد على ذلك، ومن الجانب الآخر، هناك بعض العوامل التي تسهل عملية النمو وهي بمثابة محركات تدفع عجلة القيادة إلى الأمام، منها:
- أشخاص يملكون الدافع والعزيمة:
عند التفكير في نمو الأعمال التجارية، تحتاج كرائد أعمال إلى التأكد من أنَ لديك المزيج الصحيح من الأشخاص الذين يمتلكون الدافع والمهارات التي تُساعدك على تنمية عملك بشكل فعَال، فبدون هؤلاء المرشحين المتميزين وأعضاء الفريق الرائعين الذين يدعمون أهدافك، لن تتمكن من تحقيق الأهداف التي حددتها.
- استراتيجية تخلق النمو:
فإلى جانب الأشخاص، لابد من وجود استراتيجيات واضحة تدفع العمل الى الأمام، مثل استراتيجية لجذب المزيد من العملاء أو إطلاق المزيد من المنتجات أو استراتيجية لدخول أسواق جديدة.
- عمليات تُسهل النمو:
العمليات هي بمثابة الخطوات أو برنامج التشغيل الذي يسير الموظفين على إثره لتحقيق الاستراتيجية.
- التمويل الكافي:
كل ما سبق يتطلب بالدرجة الأولى وجود الأموال التي تُساعد على تعيين الموظفين المناسبين وتنفيذ العمليات والبنية التحتية التي تُساعد على تحقيق النمو ولابتكار المنتجات والخدمات التي تود الشركة طرحها.
لمعرفة المزيد عن طرق التمويل يمكنك الاطلاع على مقال ( كيف تحصل على التمويل لشركتك الناشئة )
دور المحاسبة ومسك الدفاتر في نمو المنشآت
يُقال بأنَ المحاسبة هي لغة الأعمال، لذا فإنَ المنشآت الصغيرة أو الشركات الناشئة هي الأكثر احتياجًا لعمليات مسك الدفاتر وإلى مختصين في المحاسبة قبل البدء في مراحل المشروع، وذلك لأنها في هذه المراحل تمتلك ميزانية محدودة وموارد قليلة، لذا نذكر عبر السطور التالية، أهمية ودور كلًا من مسك الدفاتر والمحاسبة في نمو الشركات بشكل موجز:
- من خلال السجلات اليومية والبيانات المالية، يستطيع مالك المشروع تتبع التدفق النقدي للأنشطة التي يزاولها في مشروعه فيُحدد مقدار نمو شركته.
- من خلال مسك الدفاتر، يتمكن رائد العمل من تقييم أداء الشركة، فمن خلال قراءة القوائم المحاسبية الأساسية "الميزانية العمومية، بيان الدخل وبيان التدفق النقدي"، يتم معرفة وضع المنشأة ومن ثمَ اتخاذ القرارات الأنسب، ووضع خطط لرفع مستوى رفاهية العمل وتحقيق أهدافه.
- بوجود سجلات دقيقة، تزداد فرص الحصول على التمويل الذي يٌساعد على النمو والتوسع.
- الاحتفاظ بسجلات مالية دقيقة للمعاملات، يٌساهم في سهولة إعداد التقارير الضريبية وتجنب احتمالية الخطأ فيها، ما يساهم على تقدير الأرباح بشكل جيد.
- المحاسبة ومسك الدفاتر، تسهم في اكتشاف وتجنب عمليات الاحتيال والسرقة من قِبل العملاء أو الموظفين أو الموردين، ما يؤدي بدوره على تحقيق الأمان المالي ومن ثمَ النمو بشكل أسهل.
وللمزيد عن مسك الدفاتر وأهميته للشركات الناشئة يمكنك الاطلاع على مقال ( لماذا يُعد مسك الدفاتر أمرًا حيويًا للشركات الناشئة؟ )