بدون شك أنّ الحماسة عند بدء مشروعك الخاص قد تكون في أقصاها، فقد تقضي العديد من الليالي وأنت تعد العرض التقديمي الخاص بالشركة، وتضع الكثير من الأمور في الحسبان عند تأسيسها، ومن النادر أنّ نجد أحد مُلاّك الشركات الناشئة يستيقظ من النوم قلِقًا حول ما إذا كانت الدفاتر المحاسبية موزونة أو لا؟!
كافة العاملين في القطاع الإداري والمهتمين بتطوير الذات، يعلمون بوجود جدول الأولويات أو ما يعرف بـ "مصفوفة ايزنهاور" التي تساعد على إدارة الوقت، وهناك جزء من المصفوفة يُشير إلى ضرورة جدولة المهام الهامة والغير عاجلة، وربما يُنظر للمحاسبة ومسك الدفاتر بأنها مهام غير عاجلة من قبل رواد الأعمال المبتدئين، إلا انّها من الأمور الجوهرية التي يُنبى عليها صحة مسار العمل، فالعثور على شريك أو مستثمر يتطلب دفاتر موزونة، كذلك بدون مسك الدفاتر والمحاسبة لن تتمكن من معرفة مسار السيولة النقدية أو الميزانية التي ينبغي طرحها للأنشطة التجارية والأجور.
عبر السطور التالية سنُطلعك على بعض الآليات المتعلقة بمسك الدفاتر والمحاسبة، وما الفوائد التي ستعود عليك منهما:
الفرق بين مسك الدفاتر والمحاسبة
كلاً من مسك الدفاتر والمحاسبة يعتمدان على الأرقام، ولكنهما يختلفان من حيث الماهية والكيفية، إذ أنّ مسك الدفاتر هي عملية تتبع جميع السجلات المالية الواردة والصادرة من المنظمة كالإيرادات والمصروفات، وبحسب الخبراء أنّ آلية مسك الدفاتر تعود إلى قرون عديدة مضت، عندما كان أصحاب الأعمال يقومون بتتبع كافة الموارد المالية وتسجيلها على الورق، في حين أن المحاسبة هي عملية معالجة لكل ما تحويه تلك السجلات المالية، بدءًا من التأكد من دفع المبلغ الصحيح للضرائب إلى اتخاذ قرارات تجارية استراتيجية بناءً على البيانات المالية للمشروع والتي ستظهر إثر تلك المعالجة.
يُعد كلًا من مسك الدفاتر والمحاسبة أمران حيويان لنجاح كل عمل، وفي الكثير من الحالات هناك حاجة للاحتفاظ بسجلات جيدة كشركة ناشئة، فإذا كان لديك مستثمرون، فسوف يطلبون منك تقديم تقارير مالية، وإذا كنت تحاول الحصول على قرض تجاري، فستحتاج إلى بيانات مالية واضحة وسهلة القراءة حتى يتمكن المستثمرون المحتملون من اتخاذ قرار مستنير بشأن الاستثمار في مشروعك.
تعرف على : ما هو مسك الدفاتر المحاسبية
خطوات قبل البدء
- تحديد نوع الكيان التجاري
يحدد نوع كيانك التجاري، نوع وحجم المسؤوليات والضرائب المفروضة عليك، كما أنّها تحدد وضعك القانوني والتراخيص المطلوب الحصول عليها، فالمؤسسة الفردية تختلف عن الشركة، وعن الشركة ذات المسؤولية المحدودة وعن غيرها من الكيانات التجارية المتواجدة قانونيًا في العديد من دول العالم مثل الشركة C والشركة S .
- اختيار الطريقة المحاسبية
حتى تقوم بتقديم إقرارك الضريبي، ينبغي عليك بدايًة اختيار الطريقة المحاسبية التي تود اتباعها في عملك، وهناك طريقتين يتم اتباعهما غالبًا، وهما:
- المحاسبة على أساس نقدي
أبسط شكل من أشكال المحاسبة، يتم من خلالها تتبع الدخل عبر تسجيل الإيرادات والمصروفات في الوقت الفعلي الذي يتم فيه استلام أو صرف تلك المبالغ النقدية، إذ يتم تثبيتها ورصدها في ذات التوقيت.
- المحاسبة على أساس الاستحقاق
وهي طريقة أخرى أو معيار محاسبي آخر يستند على اكتساب الأموال بدلًا من تلقيها، فعلى سبيل المثال عند توقيع عقد مع أحد العملاء، ستقوم باعتماد المبالغ التي ستتلقاها جرّاء هذا العقد منذ اتمام الصفقة وحتى قبل أن يتم استلامها.
هذه الطريقة أكثر تعقيدًا من سابقتها، إلا أنّها توضح وضع الشركة وتساعد على التتبع الطويل المدى للعمل التجاري وبشكل أكثر دقة، وغالبًا ما يفيد استخدام هذه الطريقة عند تقديم التقارير الى المستثمرين أو عند الرغبة باتخاذ قرارات التوسع والنمو.
تعرف على : كيف تنجح عملية مسك الدفاتر
السجلات المالية التي ينبغي الاحتفاظ بها
بعد تحديد الكيان التجاري والنوع المحاسبي، تأتي خطوة السجلات المالية التي ينبغي عليك الاحتفاظ بها كشركة ناشئة، وبشكل مختصر يرى الخبراء في مسك الدفاتر والمحاسبة أنّه ينبغي تتبع كافة الوثائق المتعلقة بالأموال الصادرة والواردة إلى المنظمة، فهي بدون شك ستُظهر المصاريف والإيرادات والخصومات والائتمان وكافة العناصر التي يتم الاستناد عليها من أجل تحديد وضع الشركة المالي، والتي بناءً عليها يتم عمل القوائم المحاسبية أيضًا، وأهم تلك الوثائق هي "الايصالات، الفواتير، كشوفات الحساب المصرفية، بطاقات الائتمان، الشيكات الملغاة، الإقرارات الضريبية السابقة".
كذلك الاحتفاظ بهذه الملفات أو السجلات المالية أمرٌ ضروري للتقدم بالإقرار الضريبي في الوقت للمطلوب، ليس ذلك وحسب، إذ لابد من الاحتفاظ بها لسنوات في بعض الأحيان، ففي بعض الدول يتم طلب إحدى المستندات من قبل الجهات المختصة في وقت لاحق، ما يحتم على الكثيرين اللجوء إلى تقييد تلك الملفات بشكل الكتروني ليسهُل الوصول إليها.
تعرف على : أهم تقارير مسك الدفاتر
مهام مسك الدفاتر
أهمية مسك الدفاتر لاتقتصر على تقديم الاقرارات الضريبية وحسب، بل وتشمل مساعدة التاجر أو رائد الاعمال على تحديد مركزه المالي وتحديد أرباحه وخسائره في أي وقت يشاء، ومعرفة السيولة النقدية لمواجهة الالتزامات والأزمات، لذا ينصح المختصين بضرورة القيام بمهام مسك الدفاتر بشكل أسبوعي وشهري، وتتضمن المهام الأسبوعية:
- ادخال جميع المعاملات في برنامج مسك الدفاتر أو جداول البيانات في الإكسل
وفي هذه الخطوة ينبغي التأكد من إدخال كافة المعاملات النقدية ودمج كافة تلك الأرقام والحسابات في البرنامج.
- تصنيف المعاملات
بمعنى تسجيل تلك المعاملات في فئات مختلفة وذلك لأنّ كل عنصر يتم معالجته ومعاملته بطريقة محاسبية مختلفة عند إعداد الاقرار الضريبي، لذا يُفضل تصنيفها في اللحظة التي تتم فيها فورًا.
- رقمنة الإيصالات
يوصي المحاسبين والمختصين بضرورة رقمنة الإيصالات والفواتير بشكل أسبوعي، حتى لا يتم فقدانها ومن ثمّ عدم وجود ما يثبت تلك النفقات إذا تمّ إخضاعها للتدقيق.
وتشمل مهام مسك الدفاتر الشهرية التالي:
- مطابقة الحسابات المصرفية
هذه الخطوة حيوية وتحميك من أي دخل أو مصاريف قد تسقط سهوًا، لذا يُمكن أن تكون التسويات المصرفية عملية صعبة وتستغرق الكثير من الوقت حتى يتم التعود عليها.
- تحضير وإرسال الفواتير
إرسال الفواتير للعملاء في أسرع وقت.
- الدفع للموردين
تجنب الدفع المتأخر للباعة والموردين، فقد يُساهم ذلك في التأثير على وضعك التجاري سلبًا.
- مراجعة الفواتير المستحقة
عملية مراجعة الفواتير المستحقة والتي لم يتم دفعها بعد هي عملية جوهرية وشريان الحياة للتدفقات النقدية.
- مراجعة الوضع المالي
السؤال الرئيسي الذي ينبغي طرحه من قِبل أي رائد أعمال في كل فترة من مراحل العمل هو "هل لدي ما يكفي من المال لمواصلة العمل؟!"، وستُخبرك السجلات المالية والمبالغ المتواجدة في حساباتك البنكية والمقدار الذي تتوقع الحصول عليه حول ما إذا كان بإمكانك مواصلة سير العمل على الرتم الحالي أو بضرورة التوقف وإجراء بعض التغييرات، كما أنّ السجلات الصحيحة تُسهل الأمر عند التقدم لرفع الإقرارات الضريبية، وهي أيضًا أداة تساعد على اتخاذ قرارات مالية جيدة.
البيانات المالية، سلاح!
السجلات والدفاتر المنتظمة لا تساعدك فقط على اتخاذ قرارات تتعلق بالمؤسسة، بل أنها تساعدك على ضمان الحصول على أموال ونقد أكثر، بناء على ذلك نستعرض بعض الأمور التي تقف فيها "الدفاتر المنتظمة" كسلاح يساعدك على تطوير ونمو مؤسستك، كالتالي:
- المدرج
وهو مقياس محاسبي يقيس المدة الزمنية المتبقية للشركة لممارسة أعمالها قبل نفاذ النقد، ويتم التعبير عنه بالأشهر، فعلى سبيل المثال إذا كان الاستثمار الأولي في مشروعك هو 50 ألف دولار، ويتم انفاق 5 آلاف دولار شهريًا على المشروع، فهذا يعني انّ لديك عشرة أشهر من المدرج حتى لو لم يتم تحقيق أي إيرادات.
ولا يُمكنك معرفة حجم الإنفاق وحساب المدرج ما لم يتم تتبع تلك النفقات.
- هامش الربح الصافي
ويُعرف أيضًا باسم "هامش الربح" وهو يُخبرك بمقدار الربح الذي تحققه مقابل كل دولار من الإيرادات، لذا فهو يجيبك على الأسئلة التالية: "هل تبالغ في الإنفاق؟ هل تحتاج إلى رفع الأسعار أم خفض النفقات؟، فقد تكون من أولئك الذين يودعون بعض الاموال في الحسابات البنكية ولكنك في الحقيقة لا تُحقق ربحًا!
- منطقة تواجد العملاء
مسك الدفاتر قد يقودك الى معرفة المنطقة الجغرافية التي يعيش فيها معظم عملائك، ومن ثمّ ينبغي عليك التساؤل حول السبب خلف تمركز وتواجد العملاء في تلك المنطقة ومن ثمّ اتخاذ قرارات العمل بناءً على الاجابات والنتائج التي توصلت إليها، فعلى سبيل المثال، قد تُقرر تشغيل الإعلانات المستهدفة جغرافيًا لتلك المنطقة أو فتح مكتب هناك لتسهيل الوصول إلى الجماهير المستهدفة في تلك المنطقة.
- أفضل العملاء
ينص مبدأ باريتو على أن 80٪ من التأثير يأتي بـ 20٪ من الأسباب، و لتطبيق هذا المثل اطرح على نفسك التساؤل التالي: "هل يقوم عميل أو اثنان من كبار العملاء المخلصين باستمرار بضخ المبالغ لك؟، اكتشف ذلك من خلال تتبع الإيرادات ومسك الدفاتر، واجعلها علامة تدلك على هؤلاء العملاء حتى تتمكن من الاحتفاظ بهم لفترة أطول، فهم الذين يمثلون 80% من الإيرادات الواردة إليك.
- أفضل الباعة والموردين = تقليل نفقات
هل أنت من العملاء المفضلين لأحد الموردين؟ إذا كانت الاجابة "نعم" ، هنا ينبغي عليك البحث عن الموردين الذين يعتبرونك عميلاً مفضلًا لديهم، واستخدام هذه البيانات المالية للتفاوض من أجل الحصول على بعض الخصم أو أسعار تنافسية للمنتجات التي تقتنيها أو الخدمات التي تحصل عليها من خلالهم، ما يساعد على خفض التكاليف والمساهمة في زيادة مواردك المالية.
هل يُمكنك القيام بمسك الدفاتر بنفسك أو الاستعانة بمصادر خارجية؟
بصفتك مؤسس شركة ناشئة، عليك أن تختار مبكرًا ما إذا كنت ستقضي وقتك الثمين في مهام المحاسبة ومسك الدفاتر، أو الاستعانة بمصادر خارجية، عبر السطور التالية، نستكشف كافة الخيارات وما تحمله من خصائص ومزايا.
- التعاون مع محاسب منذ بدء المشروع
ليس من السابق لأوانه أبدًا أن يتحدث المؤسس أو رائد الأعمال المبتدئ مع محاسب، حتى عندما يختار القيام بمهام مسك الدفاتر الأسبوعية والشهرية، إذ يُمكن للمحاسب آنذاك تقديم إرشادات حول أسئلة المرحلة المبكرة مثل "ما النفقات التي يمكنني حذفها؟" و "ما هي الطريقة المحاسبية التي يجب اختيارها؟"
من المحتمل أيضًا أنك تريد محاسبًا بجانبك لوقت تقديم الإقرارات الضريبية، إذ أن احتساب ضرائب العمل معقد أكثر من ضرائب الدخل الشخصي، هنا قد يُساهم وجود المحاسب في دفع أقل مبلغ ممكن من الضرائب، وحمايتك من الوقوع في المخالفات والغرامات الضريبية.
- القيام بالمهمة بنفسك
عندما تكون شركتك الناشئة في مرحلتها الأولى، فمن المحتمل أن تكون ميزانيتك محدودة، وفي هذه الحالة، قد ترغب في التفكير في إدارة سجلاتك بنفسك، ويُمكنك القيام بذلك من خلال برنامج الإكسل.
تكمن الميزة في هذه الطريقة بأنّها ستسمح لك بالتعامل المباشر مع أمورك المالية، ما يساعدك على الفهم العميق لكيفية تدفق الأموال الصادرة والواردة إلى عملك، حينها ستشعر بمزيد من الثقة تجاه وضعك المالي ويسهل عليك اتخاذ القرارات المالية بشكل أسرع.
- الاستعانة بمصادر خارجية لمسك الدفاتر
متطلبات بدء تشغيل المشروع التجاري غالبًا ما تخلق حالة من الانشغال المتواصل وعدم وجود الوقت الكافي للتعلم، لذا فإنّ الاستعانة بالمصادر الخارجية حلًا مميزًا خاصة للشركات الناشئة، وذلك من خلال التعاقد مع محاسب مستقل أو أحد الجهات التي تُقدم تلك الخدمات بشكل احترافي، مثل "باي فلو"، إذ نوفر فريقًا من المحاسبين للقيام بعمليات مسك الدفاتر بطريقة سهلة وعصرية، ما يتيح لك تتبع بياناتك المالية بسهولة والوصول إليها في أي وقت، كذلك تخصيص محاسب شخصي يعمل على تقديم الاستشارات المالية التي تساعدك على النمو، إضافة الى إعداد التقارير الضريبية المطلوبة بشكل سلس وتقديمها في وقتها المحدد.