August 21, 2023

النفقات الرأسمالية VS المصروفات التشغيلية

النفقات الرأسمالية VS المصروفات التشغيلية

يقول رجل الأعمال الشهير وأحد الأمريكيون الأكثر ثراءً عبر التاريخ "أندرو كارنيجي": "راقب التكاليف، والأرباح ستعتني بنفسها"، ربما لخصت هذه العبارة شوطاً طويلًا من عناء الكثير من روَاد الأعمال تجاه التكاليف، فالتكاليف والمصروفات هي المحرك الأول تجاه نمو المشروع أو خسارته، وهي عاملٌ أساسي ينبغي الالتفات له بعناية محاسبيًا، وفي هذا السياق، يخلط الكثيرون بين العديد من المفاهيم المحاسبية التي قد تبدو متشابهة، إلا أنَها مختلفة في العديد من الجوانب، ما يؤدي إلى عدم التفرقة بينهما وحصول بعض الأخطاء في طريقة حسابها وبالتالي حدوث الخسائر التي لايُعرف مصدرها الحقيقي!

ومن المفاهيم التي يحدث فيها اللبس وعدم التفريق هي المصروفات التشغيلية والنفقات الرأسمالية، عبر السطور التالية، نستعرض كلا المفهومين، جوانب الاختلاف بينهما، وأيهما الأفضل للشركات..

ماهي النفقات الرأسمالية " Capex"؟

يُشير هذا النوع من النفقات إلى الأموال التي تقوم المنشأة باستخدامها لشراء الأصول التي تُدر ربحًا للشركة وهي السلع الرئيسية التي تطول فترة استخدامها لأكثر من عام، ما يعني أنَها تتجاوز السنة الضريبية، فتتحمل الشركة نفقاتها الرأسمالية لزيادة أو  تحسين أصولها الثابتة بغرض زيادة فرص الربح، وذلك لأنَ الأصول الثابتة يتم التعامل معها من وجهة نظر محاسبية على أنها أصول غير متداولة، ما يعني أنه لن يتم استهلاكها خلال عام واحد فقط.

من أمثلة النفقات الرأسمالية، هو أن تقوم المنشاة بشراء بعض المعدات الثقيلة للإنتاج، شراء مبنىً جديد، شراء الاجهزة مثل الحواسيب الإلكترونية، توسعة المباني أو تحسينها أو شراء مركبات لنقل البضائع، كما ويُحدد نوع الصناعة أو المجال الذي تعمل فيه المنشأة، طبيعة ونوع نفقاتها الرأسمالية.

 اقرأ أيضاً : كيفية قراءة القوائم المالية

ماهي المصروفات التشغيلية"Opex"؟

وتُعرف أيضاً باسم مصاريف التشغيل أو مصاريف  الايرادات، وهي النفقات العادية والضرورية التي تقوم المنشاة بصرفها بشكل دوري أو يومي من أجل تشغيل أعمالها وتسييرها بكل سلاسة، فهي التكاليف التي يتم تكبدها على الأصول أثناء استخدامها من أجل التشغيل، أو بمعنى آخر هو المال الذي تنفقه الشركة من أجل تحويل المخزون إلى إنتاجية مثل صيانة الآلات، تكلفة المواد الخام، رسوم التراخيص، الأجور والنفقات التسويقية، كذلك مصاريف الرحلات والبحث والتطوير وأي مصروفات تندرج تحت تصنيف "المصروفات العمومية والإدارية" في قائمة الدخل.

 

الفروقات بين المفهومين

ربما التعاريف السابقة، أوضحت الفرق بين المفهومين لدى البعض، إلا أنَه في الجانب التطبيقي، يخلط الكثيرون بين النوعين وبالتالي يحدث الخطأ المحاسبي!، لذا سيتم ايضاح الاختلافات والفروقات بناءً على العديد من الجوانب، كالتالي:

الهدف

- تهدف النفقات الرأسمالية كما أسلفنا الذكر إلى تحسين الكفاءة الانتاجية للأصول سواءً من ناحية الجودة أو الكمية، وزيادة العمر الإنتاجي للأصول أيضاً.

- تهدف المصروفات التشغيلية إلى تسيير آلية العمل اليومي، حيث تعمل هذه المصروفات على تحويل المخزون السلعي إلى مخرجات مالية أي أنَه من خلالها يتم إخراج المنتجات التي تعمل الشركة على بيعها كنشاط يومي.

متى تُدفع؟

-  غالبًا مايتم دفع النفقات الرأسمالية لمرة واحدة فقط على مدار العام، في حين أنَ المصروفات التشغيلية يتم دفعها كلما لزم الأمر، ربما بشكل يومي أو دوري "أسبوعي أو شهري".

تكرار شرائها

- تطمح المنشآت لشراء المزيد من النفقات الرأسمالية كونها تُساهم في جلب الربح سواءً على المدى القصير أو الطويل، في حين أنَها تعمل على ابتكار طرق لتقليل المصروفات التشغيلية دون أن يتسبب ذلك في انخفاض حاد في جودة المنتجات، كونها تُشكل الجزء الأكبر من التكاليف المستمرة للشركة، والعمل على تقليصها يؤدي إلى الحصول على ميزة تنافسية وزيادة الأرباح.

 

كيف يتم معاملتها محاسبيًا وضريبيًا؟

- يتم تسجيل النفقات الرأسمالية كأصل في الميزانية العمومية تحت قسم الممتلكات والمنشآت المعدات، ويتم رصدها أيضاُ في بيان التدفق النقدي ضمن أنشطة الاستثمار وذلك لأنها تُعتبر بمثابة تدفقات نقدية لتلك الفترة المحاسبية، ومن جانب آخر، إذا تمَ النظر إلى هذا النوع من النفقات كأصول، فإنَه بمجرد استخدام الأصل، يتم اهلاكه بمرور الوقت وتوزيع تكلفته على مدى عمره الإنتاجي، فتعمل المنشآت على خصم مبلغ الإهلاك وإثباته في الإقرار الضريبي السنوي، وغالبًا ما يتم استهلاك النفقات الرأسمالية على مدى 5 إلى 10  سنوات، باستثناء العقارات، فقد يتم استهلاكها على مدى أكثر من عقدين من الزمان.

- يتم خصم المصروفات التشغيلية بالكامل، إذ يتم طرحها من الإيرادات في حساب الأرباح والخسائر، كما أنَها قابلة للخصم الضريبي بالكامل في السنة التي تمَ القيام بها.

ولمعرفة المزيد عن حساب الأرباح والخسائر يمكنك الاطلاع على مقال ( أهمية حساب الأرباح والخسائر، عناصره وكيفية إعداده، بطريقة مبسطة.. )

ما هو الأفضل، النفقات الرأسمالية أم المصروفات التشغيلية؟

وربما يخطر هذا التساؤل في ذهنك بمعنىً آخر وهو "ما الذي تختاره معظم الشركات بين هذه النوعين؟"، وتكمن الإجابة في العديد من النقاط كالتالي:

- عند النظر لضريبة  الدخل، يُفضل معظم رواد الأعمال الاعتماد على المصروفات التشغيلية بدلاً من النفقات الرأسمالية، فعندما تختار منشأة ما على سبيل المثال، استئجار إحدى المعدات بدلاً من شرائها، وذلك حتى تتمكن من خصم نفقاتها النقدية الكاملة للتأجير عند حساب الضرائب لتلك السنة المحاسبية، إذ تكمن الميزة هنا في أنَ القدرة على حساب و خصم النفقات يعمل على تقليل ضريبة الدخل المفروضة على صافي الدخل.

- في حين أنَ المنشآت التي تعمل على زيادة أرباحها، فهي ستختار بلا شك الاستثمار في النفقات الرأسمالية، كشراء آلة ما بدلًا من استئجارها، وهنا يتعين عليها خصم جزء صغير من قيمة تلك الآلة كمصروف في السنة المحاسبية، وستظهر في الميزانية العمومية قيمة أعلى للأصول وصافي الدخل، وفي المقابل القليل جدًا من الضرائب.

في نهاية المطاف، إذا لم تستطع تجنب النفقات الرأسمالية بالرغم من عدم امتلاكك لرأس المال الكافي لذلك، ينبغي أن تسعى إلى تحقيق ذلك من خلال الاستعانة بأحد المحترفين المختصين في إدارة المشاريع والمحاسبة المالية، ومن ثمَ عليك أن تُقرر أيهما الأجدر بالاختيار.