البيانات المالية هي لُب الأنشطة التجارية، فهي التي تُحدد الحقائق والمسارات التي يسير عليها المشروع التجاري، وتُبنى عليها الكثير من القرارات المستقبلية التشغيلية منها والاستراتيجية أيضًا، ومن المعروف أنَ علم المحاسبة المالية ومسك الدفاتر يحتويان على الكثير من القوائم التي تضم تلك البيانات والتي يهدف كلٌ منها الى الوصول لنتيجة مالية محددة، والتي تُبين بدورها الفروق الدقيقة والغير ملحوظة من الأخطاء والتحسينات التي تحدث في العمليات التجارية المتسلسلة، ومن ثمَ تظهر على شكل أرقام واضحة.
إحدى التقارير أو الوثائق التي تحوي بيانات مالية هامة، والتي ينبغي على مُلَاك الشركات الناشئة إدراك ماهيتها، هي النماذج المالية.
سنتطرق إلى مفهوم النموذج المالي، أنواعه، الهدف من إعداده وكيفية إنشائه، عبر السطور التالية:
ما هو النموذج المالي وإلامَ يهدف؟
هو نموذج أو وثيقة تُعبَر عن المؤشرات المالية للشركة تعمل على التنبؤ بالأداء المالي للشركة في المستقبل وذلك باستخدام التوقعات والنماذج التي تُمثل الأداء التاريخي للشركة ووضعها الحالي، مع الأخذ في الاعتبار العوامل والظروف والمخاطر والافتراضات المستقبلية ذات الصلة، والتي تؤثر بدورها على عملية اتخاذ القرارات المستقبلية الهامة مثل زيادة رأس المال أو تقييم جدوى المشروع.
ويرى آخرون أنَه يُمكننا تعريف النموذج المالي بأنَه ملخص لنفقات الشركة وأرباحها على شكل جدول بيانات يُمكن استخدامه لحساب تأثير حدث أو قرار في المستقبل.
لذا فإنَ النموذج المالي ببساطة هو انعكاس لنموذج العمل في الأرقام الكمية، إذ يُشير إلى مدى ربحية المنشأة وكفاءتها واستدامتها المالية اعتمادًا على بعض المعايير الأساسية والتغييرات التي تحدث في ظروف العمل، ويهدف هذا النموذج إلى بناء سيناريوهات مختلفة لعدد من المتغيرات ذات العلاقة المباشرة بالبيانات المالية، فهو بذلك يستند على ربط البيانات المالية التاريخية للشركة وإنشاء افتراضات حول كيفية أداء الأعمال في المستقبل وتقييم بعض الصفقات التجارية الكبرى مثل عمليات الدمج والاستحواذ.
اقرأ أيضاً : كيفية قراءة القوائم المالية
أنواع النماذج المالية
نموذج الثلاث قوائم
يُظهر هذا النوع السيناريو المالي الكامل للشركة، وكما يوحي اسمه فهو يضم ثلاث قوائم مالية "قائمة الدخل، الميزانية العمومية، بيان التدفق النقدي"، ويهدف هذا النموذج إلى التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية للشركة، حيث أنَ مجموعة من الافتراضات قد تؤدي الى العديد من التغييرات في النموذج بأكمله، لذا من المهم معرفة كيفية ربط القوائم المالية الثلاثة عند إعداده، ما يتطلب معرفة كافية وأساسًا متينًا من مهارات المحاسبة والمالية.
نموذج التدفق النقدي المخصوم
يساعد هذا النموذج على معرفة ما إذا كان سهم الشركة قد تمَ تقييمه بأعلى من قيمته الحقيقية أو بأقل، إذ يتم تقييم الشركة بناءً على صافي القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية" DCF"، لذا فهو من النماذج المهمة في حالة سيناريوهات الاستثمار، وهو نموذج مبني على النموذج السابق "الثلاث قوائم" مع إجراء بعض التعديلات على التدفقات النقدية المستقبلية.
نموذج الاستحواذ
يُستخدم هذا النموذج بشكل شائع في الخدمات المصرفية وعند تطوير الشركات ودمجها، وهو يُساعد على معرفة تأثير الاندماج على ربحية السهم الحالي للشركة التي تمَ تشكيلها حديثًا، ويختلف تعقيد هذا النموذج باختلاف نوع وحجم عمليات الشركات المعنية.
نموذج الشراء بالرافعة
هو شكل متقدم جدًا من النماذج المالية، حيث أنَ الجداول التي يحتويها معقدة وهو من أكثر النماذج المالية تفصيلًا وتحديًا، وغالبًا لا يتم استخدام هذه النوع من النماذج سوى في الشركات المصرفية الاستثمارية وفيما يخص حقوق الملكية الخاصة.
نموذج مجموع الأجزاء
وهو عبارة عن إضافة وتجميع عدةً نماذج سوياً، وتتمَ إضافة أي مكونات إضافية للعمل والتي قد لا تكون مناسبة لتحليل التدفقات النقدية المخصومة "مثل الأوراق المالية القابلة للتسويق والتي يتمَ تقييمها بناءً على السوق"، ومن ثمَ يتم إضافتها إلى قيمة العمل، فعلى سبيل المثال، يتم احتساب قيمة وحدة الأعمال، ووحدة الأعمال، والاستثمارات مطروحاً منها الالتزامات، للوصول الى صافي قيمة الأصول للشركة.
نموذج الاكتتاب العام الأولي
يقوم المصرفيون الاستثماريون والمتخصصون في تطوير الشركات ببناء نماذج الاكتتاب العام في برنامج الإكسل، وذلك لتقييم أعمالهم مسبقاً قبل طرحها للاكتتاب، وتتضمن هذه النماذج تحليل لشركة مشابهة مع افتراض المبلغ الذي سيكون المستثمرون على استعداد لدفعه للشركة المعنية.
نموذج الاندماج
يتضمن هذا النوع عدة وحدات أعمال مضافة في نموذج واحد، عادةً ما يكون لكل وحدة عمل علامة خاصة بها، وهناك أيضًا علامة تمييز للدمج تُلخص ببساطة وحدات الأعمال الأخرى.
نموذج الميزانية
يُستخدم هذا النموذج في التخطيط والتحليل المالي وذلك بهدف الحصول على الميزانية المستقبلية لعدة سنوات قادمة، يتم تصميم هذا النموذج بالاعتماد على الأرقام الشهرية أو الربع سنوية، مع التركيز بشكل كبير على بيان الدخل.
نموذج التنبؤ
يُستخدم هذا النموذج كسابقه في التخطيط والتحليل المالي، وذلك لبناء توقعات ومقارنتها بنموذج الميزانية، وفي بعض الأحيان يكون هذا النموذج مرفقًا مع نموذج الميزانية، وفي أحيان أخرى يكون منفصلًا عنها.
نموذج التسعير
يتكون هذا النموذج من نوعين وهما "بلاك شولز" و"الشجرة ذات الحدين"، وتستند هذه النماذج على صيغ رياضية بدلًا من المعايير الغير موضوعية، وبالتالي فهي بمثابة بناء محاسبي بحت مُدرج في برنامج الإكسل.
اقرأ أيضاً : التقارير المالية المحاسبية
من الذي يبني النماذج المالية؟
بدون شك أنَ روَاد الأعمال بحاجة إلى بناء تلك النماذج المالية وذلك بمساعدة المحاسبين الماليين أو الشركات التي تتخصص في ذلك، إضافةً إلى بعض الفئات الأخرى التي تعمل على إنشاء تلك النماذج المالية أيضًا وهم "البنوك الاستثمارية، مدراء المحافظ الاستثمارية، محللو أبحاث الأسهم، محللو الائتمان، محللو المخاطر والمستثمرون".
كيفية إنشاء النموذج المالي وماذا يتطلب؟
كما أسلفنا الذكر، فإن بناء النماذج المالية يتطلب الإلمام الكافي بالمهارات المحاسبية والمالية ومهارات استخدام برنامج الجداول الإلكترونية، إضافةً إلى ذلك ينبغي انَ يتم تقديم النماذج والجداول بشكل مرتب وبسيط وغير فوضوي أو معقد وذلك حتَى يتم استيعاب التفاصيل العامة من قبل المدراء التنفيذيين والمستثمرين.
تجدر الاشارة إلى أنَ الوحدات الأساسية التي ينبغي الحصول عليها عند بدء إنشاء النموذج المالي هي كلًا من "بيان الدخل، الميزانية العمومية والتدفقات النقدية"، وهناك بعض الوحدات الإضافية التي ينبغي توافرها مثل جدول الاستهلاك، حساب رأس المال العامل، جدول الأصول غير الملموسة، حساب حقوق المساهمين، وجداول تضم البنود طويلة الأجل الأخرى والديون أيضًا.
بعد الحصول على تلك البيانات، يتم تقييم الأعمال وإضافة تحليل الحساسية والسيناريوهات، والهدف من ذلك هو تحديد مدى تأثر قيمة الشركة بالتغييرات في الافتراضات الأساسية، وذلك من أجل تقييم المخاطر والتخطيط للمستقبل، ومن ثمَ يتم إنشاء الرسوم البيانية لإظهار نتائج النموذج المالي، واخيرًا، يتم اختبار السيناريوهات المتطرفة لمعرفة ما إذا كان النموذج يعمل كما المتوقع.