اختلف الكثيرون حول تفسير النجاح، فهناك الكثير من التعريفات التي وصفته، إلا انَ الغالبية اتفقوا على انَه الوصول الى ما تريد بواسطة المثابرة وتخطي العقبات، بالرغم من الفشل في بعض الأوقات، وهذا الأمر بلا شك ينطبق أيضًا على واقع الأنشطة التجارية، إذ أنَ 80% من المنشآت تخرج من السوق وتُثبت استسلامها خلال ثمانية عشر شهرًا من تواجدها، وذلك كما أعلنت صحيفة الفوربس، ووفقًا لمكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة الأمريكية "BLS" أنَ ما يقرب من 20% من الشركات الجديدة تفشل خلال العامين الأوليين، و45% من تلك الشركات تتراجع عن مشروعها التجاري أو تخسر في الخمس السنوات الأولى، و 65% منها تفشل في السنوات العشر الأولى، 25% فقط من تلك الشركات الناشئة من تستطيع تخطي كل الصعوبات ليصل عمرها إلى 15 عامًا وأكثر.
ولعلَ هذه الاحصائيات تُشير الى اجتماع العديد من العوامل التي تؤدي إلى فشل الشركات وانتهائها في مراحلها الأولى، ومن جانب آخر، تُبرهنَ هذه الأرقام على وجود عناصر أساسية تساعد الشركات الناجحة على صمود علامتها التجارية في السوق وقدرتها على المنافسة والارتقاء بسمعتها التجارية.
لذا، نستعرض عبر السطور التالية، أكثر الأمور المسببة لخسارة المشاريع ومن ما يتكون مزيج النجاح في عالم ريادة الأعمال.
مسببات الفشل
- التمويل عائقًا رئيسيًا
يقف نقص التمويل كعائق رئيسيًا في انتهاء المشاريع الصغيرة، فقد يكون رائد الأعمال على دراية بكافة التكاليف المبدئية للمشروع من النفقات العامة، كشوف المرتبات، نفقات الخدمات الإضافية وغيرها، إلا أنَ الإيرادات المبدئية لا تغطي تلك التكاليف، فيقع تحت فخ نقص التمويل في السنوات الأولى ما يؤدي الى توقف العمل، وقد يكمن السبب في عدم معرفة كيفية التسعير، ففي بعض الأحيان، يتم تسعير الخدمات أو المنتجات بأسعار تنافسية وبسعر أقل بكثير من العروض المماثلة، بهدف جذب عملاء جدد، ويتم الحفاظ على تلك التسعيرة لفترة طويلة من الوقت، ما يؤدي إلى حدوث خسائر وعدم القدرة على تغطية النفقات وعدم وجود تمويل.
اقرأ أيضاً : التقارير المالية المحاسبية
- الافتقار إلى مسك الدفاتر بشكل صحيح!
لا يهم مدى التخطيط الجيد لأموالك، إذا لم تقم بتسجيل حركتها بشكل صحيح، لذا فإنَ الشركات ذات الممارسات الفوضوية والتي تُهمل تسجيل كافة العمليات التي تتم في المنشأة بشكل محاسبي جيد، تقع في أخطاء فادحة الثمن وقد تتوقف عن العمل جرَاء ذلك.
- عدم إدارة التدفقات النقدية
تعد الشركات نفسها للفشل إذا لم تواكب حساباتها المستحقة الدفع، إذ تتأثر جدوى الشركة وانتاجيتها إذا لم يتم دفع الفواتير في الوقت المحدد أو لم يتم جمع حسابات العملاء الغير مدفوعة في الوقت المناسب، وإذا استمرت الشركة على هذا النمط لوقت طويل، فإن العواقب تكون في تراكم العجز المالي ومن ثمَ إعلان الإفلاس.
- الإدارة الغير مؤهلة
قد يكون رائد الأعمال شخصًا مبدعًا ويمتلك المهارات الناعمة التي تؤهله لإقناع الآخرين بفكرة مشروعه وتمويله ومن ثمَ بيع المنتجات أو الخدمات للآخرين، إلا أنَه يفتقر الى بعض مقومات المدير وليس لديه الوقت الكافي للإشراف بنجاح على الموظفين، أو إدارة إحدى جوانب العمل مثل العمليات التسويقية أو التوظيف أو مراقبة العمليات التصنيعية، لذا ينبغي في هذه الحالة الاستعانة ببعض المصادر الخارجية لتأدية بعض من تلك الأنشطة وإلا فإنَ المشروع سيكون أكثر عرضة للانتهاء والخروج من السوق.
- التقارير الضريبية، قد تُشكل مصدر خطر!
تُشكل الغرامات والعقوبات الضريبية تهديدات كبيرة للشركات الناشئة، فإذا لم تستعد الشركة لالتزاماتها الضريبية من خلال الاحتفاظ بالسجلات المفصلة، فإنها ستواجه مفاجآت في نهاية العام.
ولمعرفة المزيد عن التقارير الضريبية يمكنك الاطلاع على المقال التالي ( أمور مهمة عليك معرفتها كصاحب منشأة عن ضريبة القيمة المضافة في السعودية )
- عدم طلب المشورة المهنية
كرائد أعمال مبتدئ، ينبغي عليك استشارة المختصين والمستشارين في إدارة المشروع سواءً من الجانب المالي أو إدارة الأفراد، وكذلك في المبيعات والتسعير وكل ما يمت بصلة لمشروعك، فهؤلاء المستشارين يمنحونك خلاصة الخبرة التي اكتسبوها جرَاء بقائهم في سوق العمل لسنوات طويلة.
أضف إلى ذلك، تغير القوانين، فماذا لو بدأ عملك ينمو ويشهد تحولًا كبيرًا؟، هنا ينبغي أن تدرك بأنَك لست خبيرًا ماليًا أو قانونيًا، لذا، فإنَ أصحاب الأعمال الذين يصرَون على الاستمرار باتباع قراراتهم الشخصية، ينتهي بهم الأمر إلى اتخاذ قرارات سيئة، تضرَ بقدرة الشركة على البقاء وقد تُسبب لها تراجعاً وهدرًا في الأموال بالرغم من نمو المنشأة.
- التخطيط الغير فعَال
خطة العمل الأولية السليمة ينبغي أنَ تتضمن وصف واضح ومفصل للمشروع، وصف لاحتياجات الموظفين والإدارة الحالية والمستقبلية، معرفة الفرص والتهديدات، المعرفة الكافية باحتياجات رأس المال، وجود الخطة التسويقية وتحليل المنافسين.
ووجود خلل في أي من النقاط السابقة قد يؤدي إلى تخطيط غير فعَال، ما يؤدي بدوره إلى ارتكاب الأخطاء التي تُعجل بفشل المشروع.
عناصر النجاح
وفي المقابل هناك الكثير من العوامل التي تؤدي الى نجاح الشركات الناشئة، سنذكر هنا البعض منها:
- رؤية واضحة وخطة مفصلة
تعتبر الرؤية الموجزة والواضحة ضرورية لإنجاح أي عمل تجاري، فإذا تمَ توصيل رؤية الشركة بشكل جيد، حينها يصبح كل من الموظفين والموردين والعملاء قادرين على فهمها ومعرفة دورهم تجاهها.
- وجود ضوابط مالية
بعض روَاد الأعمال المبتدئين يعتمدون على الإدارة المالية لمشروعهم من خلال إدارة دفتر الشيكات والأرصدة البنكية وبعض الحسابات اليدوية البسيطة، في حين أنَ الناجحين منهم يستعينون بمحاسب وبرنامج محاسبي دقيق، أو منظمة تعمل على ضبط عملية مسك الدفاتر بشكل متطور، يُساهم في تحقيق المبيعات وزيادة الدخل وتجاوز النفقات أيضاً.
- تتبع البيانات المالية الرئيسية والحصول على التمويل
وذلك لأنَ مشاكل التدفق النقدي هي إحدى المشاكل الرئيسية التي تتسبب في فشل المشاريع الصغيرة، لذا فالمدير المُدرك تمامًا لذلك، يعمل على تتبع البيانات المالية من خلال تقارير دورية أسبوعية أو شهرية توضح حسابات القبض "المدينة" والحسابات المستحقة الدفع "الدائنة"، كي يُلاحظ إذا ما وجد شيء خارج عن الصواب وقد يؤدي الى حدوث مشكلات، كما أنَ تتبع الموارد المالية يُساعد على تدفق نقدي صحي، يُساهم في تكوين الأرباح التي تؤدي بدورها الى تسهيل جذب القروض أو التمويل، فينمو العمل التجاري ويستمر.
ولمعرفة المزيد عن طرق الحصول على التمويل يمكنك الاطلاع على مقال ( كيف تحصل على التمويل لشركتك الناشئة )
- المحافظة على ولاء الموظفين واستيعابهم بأنَ أدائهم يؤثر على أرباح الشركة
ينبغي على المنظمات اتخاذ نهج يُساهم في تحليل أداء كل موظف وتأثيره على أرباح الشركة، ثم شرح ذلك لكل واحد منهم، وإضافة نوع من المكافآت أو الحوافز التي تتماشى مع النتائج التي يحققونها، وذلك لتعزيز الإنجازات والسلوكيات الصحيحة وتنمية حس الولاء والانتماء لدى الموظفين تجاه المنظمة.