بلا شك أنَ تطور العلوم والأساليب المعرفية الحديثة ساهم في إيجاد آليات تُساعد على الإنجاز السريع للمهام المطلوبة، ومن إحدى المنهجيات التي اشتهرت في عالم إدارة المشاريع، منهجية "أجايل" التي انتشر الحديث عنها في الآونة الأخيرة بشكل مكثف، ولكن ماذا يعني مصطلح"Agile" ، كيف بدأ هذا المفهوم، وكيف يعمل، وما مردوده الإيجابي على مشروعك أو شركتك الناشئة؟. سنتطرق لكل ذلك عبر السطور التالية..
مفهوم "Agile"
بداية يعود مصطلح "Agile" من الناحية اللغوية إلى كلمة "Agility" التي تعني الرشاقة وخفة الحركة وهي حالة ذات مدلول تُشير إلى نوع من الفاعلية بعكس السكون والثبات، لذا أطلق الكثيرون مسمى "المنهجية الرشيقة" على منهجية أجايل.
وكتعريف لهذه المنهجية، هي طريقة لإدارة المشاريع بأسلوب يستند على التخطيط قصير المدى عبر دورات أو مراحل محددة تُسمى "Sprints"، وتهدف إلى التطوير المستمر للمنتجات والخدمات، ويرى الكثير من الخبراء أنَ "أجايل" منهجية تطوير تكرارية تُقدَر التواصل البشري وردود الفعل، وتخلق حالة من التكيف مع التغييرات لتحقيق نتائج العمل المرجوة.
وبالعودة إلى الخلف، إلى تاريخ نشوء هذا المفهوم، سنجد أنَ كل شئ بدأ في ربيع عام 2001م، حين اجتمع 17 من أشهر مطوري البرامج من كافة أنحاء العالم مثل مارتن فاولر، جيم هايسميث، جون كيرن، جيف ساذرلاند، كين شوابر وبوب مارتن في منتجع Snowbird بولاية يوتا الأمريكية، وذلك لمناقشة كيفية تسريع اوقات تطوير البرامج، بغرض طرح برامج جديدة في السوق بشكل أسرع، وكانت نتيجة ذلك الاجتماع، إنشاء بيان منهجية أجايل للتطوير "Agile Manifesto".
اقرأ أيضاً : كيف تُطبق منهجية أجايل على الشركات الناشئة
لماذا أجايل ؟
يعتقد الكثيرون أنَ منهجية أجايل هي التوجه الذي سيقود في الفترة المستقبلية فيما يتعلق بالمشاريع البرمجية أو المشاريع الخدمية والانشائية أو حتى المشاريع التقليدية، ووفقاً لمنظمة "Price WaterhouseCoopers" للأبحاث، أنَ المشاريع التي يتم العمل فيها بمبادئ أجايل والأساليب المرنة التي يحتويها هذا المفهوم، هي الأكثر نجاحاً بنسبة 28% من المشاريع التقليدية، ووفقاً لمعهد إدارة المشاريع "PMI"، إن أكثر من 70% من المؤسسات في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بدمج بعض الأساليب المرنة المتبعة لمبادئ أجايل، كما أن ربع شركات التصنيع تستخدم أجايل.
لذا وبلا شك ان اتباع هذه المنهجية في إدارة المشاريع قد يولَد الكثير من العوائد المادية والمنافع التنظيمية للشركات سواءً الناشئة منها أم الكبيرة والمتوسطة، نذكر عبر السطور التالية بعضٌ من تلك الفوائد كالتالي:
- الحصول على منتجات عالية الجودة
لأنَ منهجية أجايل ولدت في الأصل بغرض تطوير البرمجيات، ولأنَ الاختبار جزء لا يتجزأ من تنفيذ المشروع عند اتباع هذه المنهجية، مايعني أنَ احتمالية الحصول على منتج أو خدمة عالية الجودة هي الاحتمالية الأكبر، وذلك لأنَ فريق عمل أجايل يتبع منهجية تكرارية في عملية التطوير تتيح طلب التغييرات اعتماداً على واقع السوق، وهي أسلوب يستند على النمو المستمر بمرور الوقت وإدخال التحسينات.
- تحقيق رضا العملاء
في المشاريع التقليدية المتعارف عليها، لايُشارك العميل سوى في عملية التخطيط ولايتدخل في آليات وطرق التنفيذ، مايؤثر على المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات، في حين أنَ منهجية أجايل تعتمد على مشاركة العميل الدائمة في عملية صنع القرار ما يؤدي إلى زيادة الاحتفاظ بالعملاء، فهي تتيح إبقاء العميل في حلقة التنفيذ وإجراء التغييرات وفقاً لملاحظاته، وهذا مايُعطي العميل انطباعاً حول قيمته العالية، ويحقق احتمالية أكبر بأن المنتج النهائي متوافق مع متطلباته.
-التنبؤ بالتكاليف
نظراً لأنَ كل مرحلة أو دورة قصيرة "Sprint" تحتوي على مهام معروفة ومحددة مسبقاً، إضافة إلى توقيت متفق عليه، لذا فقابلية توقع التكاليف بشكل صائب هي الأكبر، وذلك لأنَ النتائج التي سيحصل عليها العميل في المنتج أو الخدمة، مقدرة ومحسوبة سلفًا، حينها سيُدرك العميل التكلفة التي ينبغي عليه دفعها في كل مرحلة من مراحل المشروع.
- تقليل المخاطر
من الناحية النظرية، فإن أي مشروع يستخدم منهجية أجايل لن يفشل أبدًا، والسبب بأنَ أجايل تعتمد على نظام الدورات أو المراحل القصيرة "small sprints" التي تُركز على التسليم المستمر لأجزاء المشروع، لذا، فهناك دائماً جزء صغير يُمكن انقاذه، حتى في أسواً الحالات عند عدم اتباع نهج معين كما هو مخطط له.
قيَم أجايل
تستند منهجية أجايل على أربعة قيم واضحة ومتفق عليها وهي:
- التفاعل بين أفراد فريق العمل وأصحاب المصلحة أكثر أهمية من التركيز على الأدوات والعمليات.
-الأهمية القصوى لإنتاج مخرجات تتمتع بخصائص معينة قابلة للعمل، بدلاً من التوثيق المُركز والشامل لتفاصيل المراحل.
-التعاون والمشاركة مع العميل أكثر أهمية من الالتزام بالعقود والتفاوض بشأنها.
-الاستجابة للتغييرات أكثر أهمية من الالتزام بخطة العمل.
مبادئ أجايل
هناك اثنا عشر مبدأ تستند عليها وثيقة أجايل، ويتم العمل بها في المشاريع التي تعتمد على منهجية أجايل، وهي كالتالي:
1-القيمة القصوى هي إرضاء العميل من خلال التسليم المبكر والمستمر للمنتج أو الخدمة ذات القيمة.
2-الترحيب بالتغييرات، إذ تعمل أجايل على تسخير العمليات لصالح الميزة التنافسية للعميل.
3-تسليم برامج العمل بشكل متكرر على فترات منتظمة، من أسبوعين أو شهرين، مع الحفاظ قدر المستطاع على المدة الزمنية الأقصر.
4- أنَ يعمل رجال الأعمال أو المختصين في ذات مجال العمل مع المطورين جنبًا إلى جنب طوال فترة المشروع.
5-الاعتماد في بناء المشاريع على أفراد يمتلكون دافعية وحماسة للعمل على تلك المشاريع، ومن ثمَ الثقة بهم ومنحهم الدعم الذي يحتاجونه وتوفير البيئة المناسبة لإنجاز المهام.
6-الطريقة الأكثر كفاءة وفعالية لنقل المعلومات إلى فريق التطوير، هي المحادثة وجهاً لوجه.
7- المنتجات أو الخدمات الصالحة للاستخدام هي المقياس الرئيسي للتقدم.
8-تعزز عمليات أجايل التطوير المستمر والمستدام، حيث يجب أنَ يكون الرعاة والمطورين والمستخدمين قادرين على الحفاظ على وتيرة تقدم ثابتة إلى أجل غير مسمى.
9- الاهتمام المستمر بالتصميم والتميز التقني أو الفني للمنتج أو الخدمة، يُعزز أو يزيد من درجة أجايل.
10- البساطة وهي فن تقليص الأعمال الغير ضرورية، أمر ضروري في أجايل.
11- أفضل أساليب بناء المهام والتصاميم والمتطلبات تنبثق من فرق عمل ذاتية التنظيم.
12- على فترات منتظمة، تعمل فرق العمل على تقييم عملها ومحاولة جعله أكثر فعالية، ثم تقوم بضبط الأخطاء والسلوك وفقاً لذلك.