"البيانات" هي المفتاح الذي سيدلّك كرائد أعمال مبتدئ أو صاحب شركة ناشئة على مدى نجاح عملك واستمراره في التقدم والنمو أو تراجعه وتدهور خُطاه، وبدون وجود تلك البيانات أنت عرضة لتفويت بعض الفرص أو اتخاذ قرارات غير صائبة، فمن المحتم أنَك في بداية هذا الطريق ستطرح على نفسك بعض الأسئلة، مثل هل يُمكنني تحمل تكلفة تعيين موظف جديد؟، هل يجب عليَ رفع الميزانية الإعلانية؟ أو هل هذا المنتج أو الخدمة التي أقدمها قادرة على جني المزيد من الأرباح؟، وبلا شك أنَ الاجابة على هذه التساؤلات ينبغي أنَ تكون مستندة على بعض التقارير المالية التي تُحدد وضع الشركة الحالي.
وفي مقال سابق حمل عنوان "لماذا يُعد مسك الدفاتر أمرًا حيويًا للشركات الناشئة؟"، أشرنا إلى أنَ عملية مسك الدفاتر من أهم العمليات التي ينبغي على كل رائد أعمال أنَ يحرص على أدائها بإتقان، كونها تُحدد المركز المالي للشركة أيًا كان حجمها، سواءً كانت مشروعًا صغيرًا أم شركة متوسطة أو كبيرة، وذلك من خلال التقارير التي يتم الحصول عليها بعد إتمام عملية مسك الدفاتر بشكل دوري، لذا، عبر السطور التالية نستعرض أهم تلك التقارير أو البيانات المالية التي تنتج عن عملية مسك الدفاتر والتي يجب على جميع روَاد الأعمال معرفتها ومراجعتها بشكل منتظم.
أولًا، لماذا من المهم الحصول على بيانات مالية جيدة؟
الإجابة تكمن ببساطة في أنَ التقارير المالية تتيح لك اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات والتي تتشكل على هيئة أرقام وحقائق، إذ أنَ هذه البيانات تُساهم في دعم خطط نمو أعمالك، من خلال الآتي:
- تمنحك هذه البيانات القدرة على تسعير منتجاتك.
- تساعدك على معرفة ما إذا كنت تحقق أرباحًا أم لا.
- تساعدك على اتخاذ قرارات صائبة عند التوظيف واقتراض الأموال والعمل مع المستثمرين.
- تُخبرك هذه البيانات عن مناطق الاختلاف بين ميزانيتك الفعلية وتوقعاتك المسبقة.
- تُخبرك هذه البيانات بالوقت المناسب لتطوير أو توسيع نطاق عملك.
ثانياً: التقارير المالية الناجمة عن عملية مسك الدفاتر، هي:
الميزانية العمومية
الميزانية العمومية هي التقرير المالي الوحيد الذي يُظهر الصحة المالية للشركة في تاريخ محدد، وهي عبارة عن مخطط من جانبين، ويحتوي على ثلاثة مكونات (الأصول في الجانب الأول، والمطلوبات أو الالتزامات في الجانب الثاني، بالاضافة إلى حقوق الملكية أو حقوق المساهمين)، ويجب أن يُظهِر إجمالي كل جانب من جانبي الميزانية العمومية نفس المبلغ، وذلك لتقييم ما إذا كانت ميزانيتك العمومية متوازنة بشكل صحيح.
و لتحديد العلاقة بين جانبي الميزانية والمكونات الثلاث، يستخدم المحاسبون غالبًا، هذه المعادلة البسيطة:
الأصول = الالتزامات + حقوق الملكية/ المساهمين
تشتمل الأصول على النقد وأي شيء يُمكن تحويله إلى نقد في غضون عام واحد، مثل المخزون والنفقات المدفوعة مسبقًا والحسابات المدينة وما إلى ذلك، في حين أنَ الأصول الثابتة هي أشياء لا تنوي بيعها أو لا يُمكنك بيعها في وقت قصير لجمع النقود، وتشمل الأصول الثابتة (المعدات، الأثاث، أدوات التصنيع، المركبات) والممتلكات بشكلٍ عام.
يُظهر الجزء الثاني من الميزانية العمومية جانب الالتزامات أو المطلوبات، وهناك نوعين من الالتزامات: قصيرة الأجل وطويلة الأجل، وتشمل الالتزامات القصيرة الأجل الحسابات الدائنة والضرائب، في حين أنَ الالتزامات الطويلة الأجل هي الديون والتمويل، مثل القروض المصرفية أو الأوراق النقدية المستحقة الدفع للمساهمين، كما أنَ حقوق الملكية هي أي رأس مال مستثمر أو أرباح محتجزة.
الأرباح والخسائر
بيان الأرباح والخسائر "ويُعرف أيضاً باسم "بيان الدخل"، وهو مؤشر على الأداء المالي للشركة خلال فترة زمنية معينة، عادةً ما تكون بضعة أشهر أو سنة، إذ يوضح ايراداتك ومصاريفك خلال تلك الفترة وهو أفضل طريقة لعرض النتيجة النهائية، ويتم استخدام هذا التقرير المالي لمراقبة اتجاهات العمل ومراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية والتنبؤ بالأداء المستقبلي، إذ يتتبع تقرير الأرباح والخسائر المبيعات والنفقات، والفرق بين هاتين النقطتين هو صافي الربح، فإذا كان صافي الأرباح موجبًا، فأنت تُحقق ربحًا، وإذا كان سلبيًا، فأنت إذن تتكبد الخسائر، وهذا هو السبب وراء استخدامه أو طلبه من قِبل المقرضين التجاريين والمستثمرين، لمعرفة ما إذا كانت شركتك قد حققت أرباحًا أو أنَها تُعاني من الخسائر خلال تلك الفترة.
ولأنَ الأرباح والخسائر يُظهر أرباح المبيعات وخسائر النفقات بمرور الوقت بعكس الميزانية اليومية التي تُظهر مركزك المالي في وقت معين، لذا من المهم النظر في التكاليف التي تتجاوز تكلفة البضائع المباعة (ما تحتاجه لبيع خدمتك/ منتجك)، إذ يجب أن تضع في الحسبان أيضًا تكاليف التأمين، ضرائب الرواتب، إصلاح المعدات، الرسوم القانونية، رسوم المرافق، الفوائد والاستهلاك وغيرها، أضف إلى ذلك، أنَ تقرير الأرباح والخسائر يُساهم في تحديد الاتجاهات الموسمية ومعرفة أوان طفرة المبيعات، كذلك يُشير إلى حالات الإنفاق الزائد التي قد تحدث في فئات معينة من النفقات. ولمعرفة المزيد عن حساب الأرباح والخسائر يمكنك الاطلاع على مقال ( أهمية حساب الأرباح والخسائر، عناصره وكيفية إعداده، بطريقة مبسطة.. )
بيان التدفق النقدي
بيان التدفق النقدي هو أحد الأركان الرئيسية لعملك، فبدونه سيُصبح مشروعك هباءً منثورًا، فهو يُساعدك على توقع الفوائض النقدية والنقص، قبل وقت طويل من حدوث ذلك حتى لا تتفاجأ، إذ يُظهر بيان التدفق النقدي التدفقات النقدية الداخلة والخارجة المتوقعة، فالتدفقات النقدية الداخلة هي المبيعات النقدية والقروض والاستثمارات وتحصيلات الذمم المدينة، في حين أنَ التدفقات الخارجة هي المصروفات المدفوعة والأصول المشتراة والمخزون والمسحوبات والمدفوعات الأخرى.
يهدف بيان التدفق النقدي إلى تزويدك بصورة لما حدث بالضبط لنقد الشركة خلال تلك الفترة، لذا فهو يزودك بالدخل الصافي لشركتك، فإذا حصلت الشركة على مليون دولار من رأس المال، فإنَ بيان الأرباح والخسائر سيُظهر وجود خسارة في الدخل بمقدار 50 ألف دولار خلال تلك الفترة، في حين أنَ بيان التدفق النقدي سيُظهر وجود صافي ربح نقدي قدره 950 ألف دولار لتلك الفترة.
لذا نستخلص مما سبق، انَ بيان التدفق النقدي يزودك بنظرة أكثر شمولية لكيفية سير أداء عملك، ومن أين تجني الأموال، وكيف تتخذ قراراتك بشأن النفقات، ولهذا السبب يقوم المستثمرون عادةً بفحص بيان التدفق النقدي، فهو يُساعد على فهم وضعك النقدي المستقبلي، فإذا احتجت إلى شراء معدات أو خدمات اشتراك أو تأمين قروض أو تعيين موظفين جدد، سيُخبرك بيان التدفق النقدي بمدى إمكانية صرف هذه النفقات أو ما إذا كنتَ بحاجة إلى زيادة المبيعات أو لا، وما إذا كانت النفقات الجديدة ستضعك بالفعل في موقف أضعف.
يشمل بيان التدفق النقدي على ثلاثة عناصر أساسية:
- التدفقات النقدية من أنشطة التشغيل: وهي وظائف العمل التي تحتاج الى تشغيل، وتغطي أو تشمل الحسابات الدائنة والحسابات المدينة والمخزون.
- التدفقات النقدية من أنشطة الاستثمار: وتشمل التغييرات الطويلة الأجل في المعدات، وشراء الأصول أو بيعها.
- التدفقات النقدية من أنشطة التمويل: أنشطة الحصول على الديون وسداد القروض والتي غالبًا لا تؤثر على صافي الأرباح ولكنها تؤثر على مقدار النقد في حسابك البنكي.
وللمزيد عن بيان التدفق النقدي يمكنك الاطلاع على مقال ( أين تكمن أهمية بيان التدفق النقدي، كيفية إعداده وما الذي يحتويه؟!.. ).